قالوا : إن هناك تناقضًا بشان التكلم والسؤال بعد الموت ؛ فهناك آيتان مختلفتان ؛ آية تقول : بعد نفخ الصور لا يتسألون ، وآية أخرى تقو ل: إنهم يتسألون ؟ أليس هذا تناقضًا أيها المسلمون ...؟!

تعلقوا على ذلك بما جاء في الآتي :

1-قوله  : فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ (المؤمنون 101)
1- قوله  : وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ (الصافات 27)


الرد على الشبهة


لا يوجد تعارض إلا في عقول المعترضين.... فلو بحثوا جيدًا لعلموا أن التناقض في عقولهم فقط...

الآية الأولى : تتحدث عن النفخ في الصور للأموات وهي نفخة الفزع للاستعداد للحساب فيحنها يفر المرء من أبيه وأمه أخيه وهم عراة ولا يدرون أنهم كذلك كما بينت السنة ...

قال  : إِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)  (عبس).

جاء في التفسير الميسر : فإذا جاءت صيحة يوم القيامة التي تصمُّ مِن هولها الأسماع، يوم يفرُّ المرء لهول ذلك اليوم من أخيه، وأمه وأبيه، وزوجه وبنيه. لكل واحد منهم يومئذٍ أمر يشغله ويمنعه من الانشغال بغيره.

ويؤكد ما سبق تفسير الآية الأولى ؛ جاء في التفسير الميسر: فإذا كان يوم القيامة، ونفخ المَلَك المكلَّف في "القرن"، وبُعِثَ الناس من قبورهم، فلا تَفاخُرَ بالأنساب حينئذ كما كانوا يفتخرون بها في الدنيا، ولا يسأل أحد أحدًا.

أما الآية الثانية : فهي تتحدث عن ما بعد القيامة إما جنة وإما نار ، فحينها يتسألون ...

دلت على ذلك أدلة أخرى من القرآن الكريم كما يلي :

1- أهل الجنة يتسألون ؛ جاء ذلك في قوله :  وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)  (الطور).

جاء في التفسير الميسر: وأقبل أهل الجنة، يسأل بعضهم بعضًا عن عظيم ما هم فيه وسببه، قالوا: إنا كنا قبل في الدنيا- ونحن بين أهلينا- خائفين ربنا، مشفقين من عذابه وعقابه يوم القيامة. فمنَّ الله علينا بالهداية والتوفيق، ووقانا عذاب سموم جهنم، وهو نارها وحرارتها. إنا كنا من قبلُ نضرع إليه وحده لا نشرك معه غيره أن يقينا عذاب السَّموم ويوصلنا إلى النعيم، فاستجاب لنا وأعطانا سؤالنا، إنه هو البَرُّ الرحيم. فمن بِره ورحمته إيانا أنالنا رضاه والجنة، ووقانا مِن سخطه والنار.

2- أهل النار يتسألون ؛ جاء ذلك في الآتي :

1- قوله  : وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51)  (الأعراف).

جاء في التفسير الميسر : واستغاث أهل النار بأهل الجنة طالبين منهم أن يُفيضوا عليهم من الماء، أو مما رزقهم الله من الطعام، فأجابوهم بأن الله تعالى قد حَرَّم الشراب والطعام على الذين جحدوا توحيده، وكذَّبوا رسله.

2-قوله  : وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78) أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (79)  (الزخرف).
جاء في التفسير الميسر : ونادى هؤلاء المجرمون بعد أن أدخلهم الله جهنم "مالكًا" خازن جهنم: يا مالك لِيُمِتنا ربك، فنستريح ممَّا نحن فيه، فأجابهم مالكٌ: إنكم ماكثون، لا خروج لكم منها، ولا محيد لكم عنها، لقد جئناكم بالحق ووضحناه لكم، ولكن أكثركم لما جاء به الرسل من الحق كارهون.

إذًا : من خلال ما سبق أتضح لنا : أن الآية الأولى التي تعلق بها المتعرضون تتحدث عن يوم الفزع الخروج من القبور للاستعداد للحساب ،فحينها لا أحد يسأل أحدًا ، أما الآية الثانية : فهي تتحدث عن ما بعد القيامة وفيها يسأل أهلُ الجنة أهلَ الجنة ، ويسأل أهلُ النار أهلَ الجنة ، وينادون على مالك وهو ملك خازن جهنم...

وعليه: يزول الإشكال بفضل الله ، وأكون قد نسفت الشبهة نسفًا بفضله

كتبه / أكرم حسن مرسي
الثلاثاء 19/3/ 2013 الساعة 10 ونصف ص