قال السياسى الأمريكى نيوت جينجريتش الأوفر حظاً لدخول انتخابات الرئاسة الأمريكية هذا العام ممثلاً للحزب الجمهورى إن الفلسطينيين «مجموعة إرهابيين»، وشعب تم «اختراعه».

ويذكرنى هذا التصريح بثلاثة أمور أولها مرشح الحزب الجمهورى، الذى نافس كنيدى منذ نصف قرن، واسمه جولد ووتر، وكان من بين شعاراته أن القنبلة الذرية صنعت لكى تستخدم، جاهلاً أو متجاهلاً أن الحرب الذرية تبيد الأرض كلها بما فى ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، التى سعى لرئاستها، وخسر أمام كنيدى بوعى الناخب الأمريكى.

والأمر الثانى ذلك المثل الشعبى المصرى الذى يقول «إن الفاسدة تتهم الجميع بالفساد»، فالشعب الوحيد فى العالم الذى يمكن أن يوصف بأنه «مخترع» هو الشعب الأمريكى، والمكون رسمياً فى القواميس والموسوعات وكتب الحقائق والأرقام من أمريكيين أصليين وأمريكيين أفارقة وأمريكيين أوروبيين وأمريكيين آسيويين إلى آخر البقاع التى جاء منها إلى ما سمى «العالم الجديد»، منذ خمسة قرون.

ورغم ذلك لا يوجد فى العالم من يصف الشعب الأمريكى بأنه «مخترع»، ولا يقبل أى إنسان مثقف (والثقافة فى اللغة العربية من تثقيف الرمح، أى صقله وتهذيبه) بهذا الوصف، وإنما نقول إنه شعب عظيم استطاع أن يجعل من المجتمع الأمريكى بوتقة لكل الأعراق بفضل الديمقراطية، وخلاصة جديدة لكفاح الإنسان من أجل الحرية والعدل.

والأمر الثالث الذى تذكرته عندما قرأت هذا التصريح العنصرى البغيض اختيار فنان السينما الإيطالى الكبير بازولينى، الذى اغتيل عام 1976 لممثل يحمل ملامح عربية فلسطينية لتمثيل دور المسيح عليه السلام، فى الفيلم الذى أخرجه عن «إنجيل متى»، فكل الممثلين الذين قاموا بدور المسيح قبل هذا الفيلم كانوا من البيض ذوى الشعر الأشقر والعيون الزرقاء أو الخضراء، وكان بازولينى أول من اختار ممثلاً بملامح عربية فلسطينية، لأن المسيح فلسطينى ولد فى الناصرة الفلسطينية، بل صوّر بازولينى الفيلم فى فلسطين.

الحقيقة أن الشعب الإسرائيلى هو الذى اُخْترع فى فلسطين من يهود فلسطين ويهود أوروبا من بولندا إلى ألمانيا، ويهود العالم العربى من اليمن إلى المغرب، ودولة إسرائيل هى الدولة التى أقيمت بـ«قرار» من الأمم المتحدة، وهى آخر دلة فى العالم عرفت التليفزيون، لأن مؤسسسها بن جوريون كان يرى أن التليفزيون سوف يكشف عدم وجود ثقافة وطنية يعبر عنها، ومع ذلك يرى العرب المتحضرون أن الشعب الإسرائيلى ملفق، لكنه شعب، ويحترمون وجوده، لكن ليس على حساب حقوق الشعب الفلسطينى.

samirmfarid@hotmail.com