من الأمثال الشعبية القديمة


بسم الله الرحمن الرحيم

هذا المثل الشعبي كان يردده اجدادنا من أجل دعوة الناس للإسراع بأداء فريضة الحج , ( عليكم بالحجاز قبل عنكم ينحاز)
بمعنى : سارعوا بالذهاب إلى ارض الحجاز لأداء فريضة الحج قبل ان يحال بينكم وبينها , أي الحج علي الفور كما في لغة الفقه , وكان يعتقد اجدادنا ان السبب الوحيد الذي قد يحول بيننا وبين ارض الحجاز الحروب الطاحنة التي تفقدهم امن الطريق , وكان هذا هو السبب الوحيد في زمانهم , لأن الحج لم يكن في حاجة لتاشيرة , أو إلى آلاف الدولارات وجوازات السفر والوثائق والأوراق الثبوتية والسيرة الحسنة حتى لا يمنع من دخول تلك البقاع الطاهرة .
فكان الواحد منهم يعد راحلته ويهيء نفسه وجمع زاده وإن لم يكن له زاد فحرفة في اليد تكفية مؤنة الطريق , هكذا كان أجدادنا , وكانت طريقتهم في الحياة , ولكن الآن تغيرت الحياة وتبدلت الظروف وتعقدت الإجراءات ودخلنا عصر العولمه الذي اثقل كاهل المسلم البسيط بتكاليفه الباهضة واجراءاته المعقده .
ورغم هذا التغيير إلا ان هذا المثل لازال قائما بمعناه ومفهومه مع تبدل الظروف والأحوال التي تمنعنا من دخول تلك البقاع الطاهره , فاصبح المانع عدم توفر الآلاف من الدولارات التي لم تكن في مقدور الحاج إضافة إلى الإجراءات التي تتعقد يوما بعد يوم .
فاصبح حاج هذا العصر لا يصح له حج إلا إذا وفر ثمن الإقامة في فنادق فاخرة وعمارات شاهقة ومخيمات مكيفة وأرض مبلطه ... وهذه الفخامة أصبحت هي العقبة التي تحول بيننا وبين أرض الحجاز , كما لا يجوز للحاج السفر إلى تلك البقاع إلا بكفالة شركة سياحية أو لجنة حكومية والتي تضاف مكاسبها إلى مصاريف الحاج , وبذلك لا يجوز له الحج بمفرده أي يسافر بإجراءات شخصية دون كفالة , لأن التأشيرة أصبحت هي البوابة التي لايمر منها الحاج إلا بعد توفر الشروط السابقة ...والتي رفعت تكاليف الحج إلى ثلاثة اضعاف منذ العام الماضي .
هكذا كان لأجدادنا نظر ثاقب بعيد المدى , حيث لاتزال أقوالهم حكم باقية بعد رحيلهم شاهدة علي بعد نظرهم وفهمهم للحياة ... رحمهم الله رحمة واسعة وفرج كرب أحفادهم من بعدهم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته