إن أهم ما يشغل فكر البشر جميعاً كل من علم أن هناك يوم للدينونة والحساب ، يوم أن يفرق الله بين البشر ويجعلهما قسمين فقسم يحيي مع الله في السماء في النعيم الأبدي وقسم آخر سيذهب للجحيم حيث العزاب الأبدي ولا يوجد خيار ثالث .
وعليه وحيث أن الفارق بين القسمين رهيب فالحياة في السماء فرحة ممتعة جميلة ممجدة في معية الله أي مرغوب فيها وعليه يسعي الإنسان علي الأرض لبلوغها ويسعي أن يكون ضمن من لهم نصيب في هذا القسم .
بينما الحياة في النار مع الشيطان فهي عزاب عار ألم دائم وعليه دائماً يسعي الإنسان لكي يفلت من هذا القسم ولا يكون له نصيب فيه .
وهذا لا خلاف عليه بين جميع الآديان ............... ولكن
كيف سيزن الله الصلاح والشر في الإنسان وكيف سيوجد الإنسان أمام الله صالح أو طالح . هذا هو الموضوع الذي سأحدثك فيه عزيزي ...
في كتب العهد القديم يقول الرب لأبراهيم أن أقيم عهدي معك ومع نسلك من بعدك إن هم أطاعوا وصاياي .
وعليه فطاعة الوصية هي التي تجعل الله يقيم عهده مع الإنسان ويحيي معه ويكون له معين ويختاره ليحيي معه في اليوم الأخير .
وفي العهد الجديد يسأل المسيح الشاب الغني الذي قال له ماذا أفعل لأرث الحياة الأبدية( أي يدخل السماء ) في يوم القيامة فقال له : هل حفظت الوصايا ؟
بمعني أن حفظ الوصايا هي التي تدخل الجنة .
ولكن أنا أريد أن أقول شئ أخر
أنظر إلي ما قاله الرسول بولس : إن كان لي إيمان أن أنقل الجبال وإن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاساً يطن أو سنجاً يرن .
وهنا يظهر أن تنفيذ الوصايا غير كافي وحياة الإنسان الطاهرة غير كافية
فحتي إن كان للإنسان أيمان قوي ينقل الجبال ويتكلم بإلسنة الناس والملائكة فهذا رغم عظمته وحده لا يدخل السماء ( أي أن حفظ الوصايا وظهور فاعلية ذلك في حياتك )
غير كافي إن لم تكن لك محبة .
وفي مكان أخر يقول الكتاب المقدس : أن غاية الوصية هي المحبة
بمعني أن تنفيذ الوصية لم يصبح هدف في حد ذاته ولكنه وسيلة والهدف أصبح شئ أخر ووضحت الآيه بعاليه أن الهدف هو المحبة
بمعني أن المحبة وهي الوزنة التي ستزنك في يوم القيامة
وفي موضع أخر يوضح المسيح أن تنفيذ الوصايا غير كافي بمعني أن طاعة الله وتنفيذ وصاياه غير كافي فيقول : إن فعلتم كل البر فقولوا أننا عبيد بطًالون ( غير نافعون )
وبمعني يفهمه غير المسيحيين فأن أعمال الله الصالحة لا تجعل الإنسان يوم القيامة يدخل السماء وصدق الإنسان وأمانته وصلاته وصومه ...... إلخ غير كافية وحدها لتدخلك السماء .....
ويقول المسيح أيضاً : إن لم يزد برًكم علي الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السماوات .( والكل يعرف أن الكتبة والفريسيين كانوا أشد الناس تنفيذ لوصايا الناموس بما لا يمكن قياسه ) فهل المسيح يعني أننا سنهلك .
وإن كان الكتبة والفريسيين رفضهم المسيح وقالوا عنهم أنهم ملاعين وأنهم أولاد الآفاعي . فلماذا يطلب منا أن نشبههم لندخل ملكوت السماوات .
يا سادة المسيح يعني ما يقول بدقة يزن الأمور بميزان الذهب
فقال إن لم يزد بركم لن تدخلوا ملكوت السماوات ولكن البر ليس عمل الصلاح
بل البر هو بالإيمان والإيمان هو الإيمان بالله ومن هو الله أوضح الكتاب المقدس كينونة ألله في كلمة واحدة وهذا لا يعني أن الله يمكن معرفته بهذه السهولة وأن كلمة واحدة تكفي لتعريف الله ولكن كلمة واحدة تعرف الله مازال الجواب نعم ولكن هذه الكلمة نفسها يحيي الإنسان منذ قديم الزمان وحتي يوم القيامة ولن يعرفها ألا وهي ( المحبة ) فقال الكتاب المقدس في أية تحتوي علي كلمتين إحداهما الله والثانية المحبة
فقال ( الله محبة ) وهذا يعني أن الله يساوي محبة
ولا تتخيل أني أقللت من شأن الله حين قلت أن الله يساوي محبة فهذا هو مضمون الآية ومعناها الواضح الصريح ولا تظن ان المحبة سهلة فكما قلت أن الإنسان عاش ومات وحتي يوم القيامة لن يعرف الإنسان المحبة الكاملة أي لن يعرف المحبة وعليه يكون الكلام صحيح لأنه وبنفس الكيفية لا يعرف الإنسان الله مهما حاول حتي يوم القيامة
فكلمة محبة غير مدركه كما أن الله غير مدرك .
وأيضاً يوضح لنا الكتاب المقدس علي فم الرب يسوع حين سأله شخص أي الوصايا
هي العظمي فقال الرب يسوع :( حب الرب إلهك من كل قلبك ومن نفسك ومنكل قدرتك )
وأأكد بعد ذلك قائلاً هذه هي الوصية الأولي والعظمي .
ثم أسترسل في الحديث وقال الثانية مثلها وهي ( حب قريبك كنفسك )
وأكد قائلاً أنه بهذين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياء
ومن هنا نفهم أن تنفيذ الوصايا ما هو إلا وسيلة نستطيع منها أن نعرف المحبة
وكلما عرفنا شئ من المحبة ومارسناه كلم عرفنا الله وتعاملنا معه
ولأن المحبة ليست باللسان بل بالأعمال كما أشار معلمنا يعقوب الرسول في رسالته
فعليه فأن المحبة لا يمكن أن تبرهن علي وجودها في قلبك إن لم تتعامل بها مع الأخرين
إبتداءاً من تعاملك مع الله وكذلك تعاملك مع بقية الناس كل الناس
لاحظ كل الناس فأنت إن أحببت شخص ولم تحب الأخر فهذا يعني محبة ناقصة
والمحبة الناقصة مرفوضة لأنه لا توجد محبة ناقصة تساوي الله
فالله كامل وعليه فإن كان الله كامل وهو يساوي المحبة فأن المحبة أيضاً تكون كاملة
وعليه فأن ميزان البشر يوم القيامة وهذا ماحدده المسيح هو المحبة في القلب فكلما إكتملت المحبة في قلب الإنسان ثقل القلب في كفة الميزان ورجحت كفة كفة الإنسان بالتالي بمعني انه وجد امام الله حسب محبة الله يستحق أن يعيش مع الله المحبة في السماء .
راعي قولي أن الله يساوي محبة لا يعني أن الله مجرد كلمة أو معني
ولكني أعني أن الله تجمل كل صفاته في المحبة بمعني أن المحبة هي صفة الصفات
في الله كما نقول ان الله سلام هكذا الله محبة والمحبة هي أم الفضائل ( الحق والعدل والمعرفة والحنو والرحمة والحكمة ...... إلخ ). كل الفضائل هي نتاج المحبة
وعليه نحن إن أحببنا فعلنا كل الفضائل بلا أدني شك وبلا أدني مجهود وعليه صارت المحبة في عين الله كافية للحكم علي الإنسان ليدخل السماء مع الله المحب المحبة
وعكس المحبة هي البغضة وهي أصل كل الشرور وهي أم كافة الرزائل وتكفي إذي وجدت في قلب الإنسان أن تجعله يطرد خارج السماء مع الشيطان أول من عرف البغض والكراهية فهو منذ بدء وجود الإنسان علي الأرض يبغضه .

إذاً المحبة وتمامها في قلب الإنسان هو الضمان الحقيقي لدخول السماء وليس الإعمال الحسنة أو تنفيذ الوصايا فتنفيذ الوصايا حسن ولكنه لا يضمن الأبدية أبداً بل أن الله يأمرنا لننفذ الوصايا حتي نتعلم كيف نحب
كما ننشأ الطفل علي ترديد النشيد الوطني فترديد النشيط الوطني ليس غاية في حد ذاته ولكن ترديد النشيد الوطني يجعل الطفل يحب بلده فننمي محبة الطفل لبلده بتنشأته علي أن يردد النشيد الوطني ولكن ما الفائدة إذا ردد الطفل النشيد الوطني ولم يصل في النهاية لحب الوطن ( لا فائدة ترجي من ترديد النشيد بمعني أن ترديد النشيد ليس الهدف في حد ذاته ولكنه وسيلة ) .

وإلي من يقولون أن الميزان سيكون بالأعمال ويجب علي الشخص أن يعمل الحسنات ويكثر من عمل الخير أقول لكم لا فائدة من عمل الخير كهدف فعمل الخير هو وسيلة
فنحن نعمل الخير للناس ليس لتعديد الصالحات وإدخار حسنات . فهي علي نحو مثل النشيد السابق ذكره بعاليه ليست غاية في حد ذاتها ولكنها وسيلة والغاية هي المحبة
فالإنسان يحب أخية الإنسان فيعمل الخير لأجله وأظنه لن يفعل الخير لأجله دون أن يكون اساساً يحبه وإذا فعل الخير وجب أن يكون الخير بهدف المحبة بمعني يكون لوجه الله ولاحظ نقول لوجه الله وهذا إعتراف بأن الله هو المحبة فنحن نقول أننا فعلنا الخير لوجه الله والبديل المساوي لهذه الكلمة والمقبول عوضاً عنها أن نقول أننا فعلنا هذا الخير محبة في الله أوفي الشخص الذي صنعنا له الخير أما عمل الخير لسبب أخر غير هاذين السببن يلغي عمل الخير ويصبح لا فائدة منه .
فالمحبة هي النشيد الذي نريد ان نردده لنحب وطن المحبة ونثبت أننا مواطنين في وطن المحبة و يجوز لنا ان نحيا في وطن المحبة ( السماء ) ..... أم ما رأيكم
ولهذا قال المسيح في أخر وصية له قال : وصية جديدة أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً
ومعروف أن أهم كلام يقال هو نهاية الكلام وأن أخر مايقوله المرء قبل وفاته هو أهم كلماته ونقول عنها أنها وصيته ومهما وصي الإنسان أبنائه في حياته فلا يقال عنها أنه وصيته بل أخر كلماته فقط هي وصيته . وهذا يوضح اهمية المحبة التي أكد عليها المسيح كأخر كلماته قبل أن ينطلق إلي السماء .
ولا يصح أن نعتبر الحسنات وتعديد الخير وإدخارهم علي انهم كافيين لدخول السماء فهذا منطقياً خطأ فادح يورث الموت .
وهاك مثال يوضح ما أقوله .
فمثلاً تخيل معي أخي أنك مدين بمليارات الجنيهات لملياردير تعمل عنده
وتتقاضي انت الف جنية . وتقابلت معه وطلبت منه أمهالك فأمهلك عمرك كله وقال لك أنك عند وفاتك سأحضر أنا إليك لتفيني حقي ......... فماذا ستفعل
إسأل الجميع من العقلاء والحكماء إسأل كيفما شئت ماذا تظن يكون الجواب
أقول لك انا ( العقل يقول أنك تتقاضي ألف جنيه كل شهر فمهما عشت ومهما إدخرتك من الألف جنيه حتي لو إدخرتها كلها فسيأتي يوم الوفاء ولن تجد معك ما يفي ولا حتي 0.01% . وعليه فلا داعي للإدخار فأنت محكوم عليك محكوم عليك
يا سيدي تعقل كيف ستفي حق الله و أنت لا تملك من امرك شئ فأنت كلك له حتي الصلاح الذي تفعله هو فاعله فيك ..... الموضوع منتهي .
الحكمة تقول أنه لابد من الذهاب إلي الملياردير ليسامحك وليس يحاسبك فانت لا تملك أن تقف أمامه بجيبك خاوي مهما إدخرت فيه . الحل هو المسامحة من جانب الملياردير
وإن كنت تعمل عنده فعملت بكل إخلاص وفعلت كل ما يأمرك به فهل يحبك لهذا
العقل يقول لا لأنك تعمل واجبك الذي تتقاضي راتبك عنه والمنتظر منه هو أن تفعل واجباتك علي هذا النحو من الإخلاص والدقة .... إلخ وعليه هذا غير كافي ليحبك ويسامحك عن دينك له ( لاحظ العمل الصالح الذي سيتقدمه لله هو واجبك وليس صدقة تقدمها لله بل هو واجبك فيقول المسيح : إن فعلتم كل البر فقولوا أننا عبيد بطًالون .
ولن يحب صاحب العمل العبد البطال .
ولاحظ إن فعلتم كل البر ( كل الحسنات التي سنحت لكم الفرصة لتصنعوها - غير كافية )
بل تظل عبد بطًال .
إذاً ما هو الحل
الحل ليس عندك بل الحل هو أن يكون السيد هو نفسه عنده إستعداد للمحبة
ويجب أن تعرف كيف يحب السيد العامل عنده وتنفيذ ما يجعلك محبوب عنده
فهذا السيد يقول : يا إبني أعطني قلبك ... لاحظ قوله يا إبني .....إنه سيد يحب ....
إنتهز الفرصة فإن سيدك محب ... وكيف تجعله يحب ......... من فمه يقول هو
لك إعطني قلبك ..... إذاً هذا هو السبيل لأن يسامحك سيدك بالدين الذي له عندك
أن تعطيه قلبك لا أن تنفذ وصاياه فقط ..........

وأتمني أن يكون قد تكلم إلي قلبك . فألله لا يعرف في الإنسان إلا قلبه ولا يزن فيه إلا قلبه . فلاحظ يا أخي قلبك إجعله محباً ولتصدر كل أعمال الصلاح من داخل قلبك وإجعله يصنع لأنه محب يصنع محبة في صورة صلاح وصورة خدمة الأخرين وتقديم ما يطلبونه منك بالمحبة .... بالمحبة .... أكرر إلي أبد الأبدين بالمحبة في المحبة
لأجل المحبة مغلف كل أعمالك بالمحبة

وأخيراً وليس أخر إله المحبة والسلام يعطي كل من قرأ كلامي هذا والعالم أجمع من لدنه محبة لله نفسه وللعالم كله دون تفرقة محبة صادقه عاملة تجعل القلب يوزن أمام الله في يوم الدينونة فيكون من القسم الذي يدخل السماء لا النار .... آمين