بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

يستعجب المسلمون لماذا لا يؤمن النصارى بان المسيح عيس بن مريم نبى الله ورسوله ولماذا هذا الأصرار الغريب على انه اله رغم انه لم يقول ابدا فى الكتاب المقدس انه اله ولم يقل لهم ابدا أعبدونى وكان دائما ما يذكر انه نبى وانسان ورسول من عند الله !!!

فقال عن نفسه لليهود ((ولكنكم الان تطلبون ان تقتلوني وانا انسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله ))( يوحنا)

وفى يوحناالإصحاح 17العدد 3 (( وهذه هي الحياة الأبدية: أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته))

وفى يوحنا إصحاح 13 عدد 16 ((الحق الحق أقول لكم: إنه ليس عبد أعظم من سيده، ولا رسول أعظم من مرسله))

ورغم ذلك يصرون على تكذيبه فى انه رسول من عند الله ويصرون على انه اله

ولكن لماذا هذا الأصرار الغريب ؟!!!

اذا تتبعنا قصص الأنبياء سنرى ان تكذيب الأنبياء هو سمة من سمات البشر منذ ان خلقهم الله عز وجل فلا يوجد نبى الا وقد كذبه قومه ولم يسلم المسيح عيسى بن مريم من هذا الأمر فرغم ان اليهود قد كذبوه فى حياته الا وان النصارى قد كذبوه ايضا بعد رفعه !!!

وسيدنا محمد صلوات ربى عليه وسلامه قد كذبه قومه ولا يزال يوجد من يكذبه حتى الأن وحتى يقبض الله عز وجل روحنا جميعا سيكون هناك من يكذب الرسل والأنبياء!!!

ولكن لماذا هذا الأصرار الغريب على التكذيب؟

اذا نظرنا الى هذه القصة التى يخبرنا بها الله عز وجل فى القران الكريم

وهى قصة أصحاب القرية فمن هم أصحابها ومن هم أنبياء أهل القرية ؟

يحكي الحق تبارك وتعالى قصة أنبياء ثلاثة بغير أن يذكر أسمائهم. كل ما يذكره القران الكريم أن هؤلاء القوم كذبوا رسولين فأرسل الله ثالثا ولم يذكر القرآن من هم أصحاب القرية ولا ما هي القرية. وقد اختلفت فيها الروايات. وعدم إفصاح القرآن عنها دليل على أن تحديد اسمها أو موضعها لا يزيد شيئا في دلالة القصة وإيحائها او ما تريد القصة ان تقوله .

ولكن الناس ظلوا على إنكارهم للرسل وتكذيبهم، وقالوا

بسم الله الرحمن الرحيم

(قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ).

وهذا الاعتراض المتكرر الذى نراه دائما من البشرية على الرسل تبدو فيه سذاجة التصور والإدراك كما يبدو فيه الجهل بوظيفة الرسول.

لماذا ؟

لانهم كانوا يتوقعون دائماً أن يكون هناك سر غامض في شخصية الرسول وحياته تكمن وراءه الأوهام والأساطير والخرافات أليس رسول السماء إلى الأرض فكيف يكون شخصية مكشوفة بسيطة لا أسرار فيها ولا ألغاز حولها ?! !

شخصية بشرية عادية من الشخصيات التي تمتلىء بها الأسواق والبيوت ?!!

تمشى فى الأسواق وتأكل الطعام هكذا كان رأيهم فى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولم يسلم سيدنا عيسى عليه السلام من هذا الأمر ايضا

وهذه هي سذاجة التصور والتفكير. فالأسرار والألغاز ليست صفة ملازمة للنبوة والرسالة. فالرسالة منهج إلهي تعيشه البشرية. وحياة الرسول هي النموذج الواقعي للحياة وفق ذلك المنهج الإلهي. النموذج الذي يدعو قومه إلى الاقتداء به. وهم بشر. فلا بد أن يكون رسولهم من البشر حتى يستطيع ان يكون قدوة لهم وحتى يستطيعوا ان يقلدوه ولكن تخيلوا معى ان يكون الرسول ملاك مرسل الى بشر فكيف ببشر ان يكون نموذجه فى الحياة ملاك؟!!! وان يسير على دربه والطبيعيتن مختلفتين

فهذه هى حكمة الله عز وجل

ودائما ما كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يؤكد انه بشر ارسله الله عز وجل ليخرج الناس من الظلمات الى النور واى معجزة قام بها رسول الله فهى من عند الله أيده بها ليتأكد القوم انه مرسل من عند الله عز وجل

ولكن الخرافات والأوهام التى فى عقول البشر لم يسلم منها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فأتهموه انه لا يمشى على الماء ولا يطير فى السحاب

كما لم يسلم بها المسيح عيسى بن مريم ايضا

ونرجع الى قصتنا وهى قصة انبياء القرية

وبكل ثقة وأطمئنان أجابهم الرسل: إن الله يعلم وهذا يكفي. وإن وظيفة الرسل البلاغ. وقد أدوا الرسالة والناس بعد ذلك أحرار فيما يتخذون لأنفسهم من تصرف. وفيما يحملون في تصرفهم من أوزار. والأمر بين الرسل وبين الناس هو أمر ذلك التبليغ عن الله; فمتى تحقق ذلك فالأمر كله بعد ذلك إلى الله.

ولكن المكذبين الضالين لا يأخذون الأمور هذا المأخذ الواضح السهل اليسير

فقالوا: إننا نتشاءم منكم ونتوقع الشر في دعوتكم فإن لم تنتهوا عنها فإننا لن نسكت عليكم, ولن ندعكم في دعوتكم: (لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ).
هكذا كانوا ارادوا الباطل وأبوا ان يفتحوا اعينهم عن الأيمان

ولكن الواجب الملقى على عاتق الرسل يقضي عليهم بالمضي في الطريق فقالوا بهم :

بسم الله الرحمن الرحيم
((قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ)).

فالتشاؤم هو خرافة من خرافات الجاهلية. ولقد أوضحوا لهم هؤلاء الرسل انها خرافة وأن حظهم ونصيبهم من خير ومن شر إنما هو معهم. مرتبط بنواياهم وأعمالهم متوقف على كسبهم وعملهم. وفي وسعهم أن يجعلوا حظهم ونصيبهم خيراً أو أن يجعلوه شراً. فإن إرادة الله بالعبد تنفذ من خلال نفسه, ومن خلال اتجاهه, ومن خلال عمله. وهو يحمل طائره معه.

فيقول الله عز وجل فى القران الكريم

(({‏وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه‏})).

ومن الملاحظ فى هذه القصة ان الله عز وجل لم يذكر لنا أسماء هؤلاء الأنبياء ولم يذكر لنا ما كان من أمر هؤلاء الأنبياء ولكن ذكر لنا الله عز وجل ما كان من أمر إنسان آمن بهم. آمن بهم وحده.. ووقف بإيمانه أقلية ضعيفة ضد أغلبية كافرة.

هذا الأنسان جاء من أقصى المدينة يسعى. جاء وقد تفتح قلبه لدعوة الحق.. فهذا رجل سمع الدعوة فاستجاب لها بعد ما رأى فيها من دلائل الحق والمنطق. وحينما استشعر قلبه حقيقة الإيمان تحركت هذه الحقيقة في ضميره فلم يطيق ان يسكت ولم يجلس فى داره بعقيدته صامتا وهو يرى الضلال من حوله والجحود والفجور

ولكنه سعى بالحق الذي آمن به. سعى به إلى قومه وهم يكذبون ويجحدون ويتوعدون ويهددون. وجاء من أقصى المدينة يسعى ليقوم بواجبه في دعوة قومه إلى الحق, وفي كفهم عن البغي, وفي مقاومة اعتدائهم اللعين الذي يوشك أن يصبوه على الأنبياء المرسلين.

فقال لهم: اتبعوا هؤلاء الرسل، فإن الذي يدعو مثل هذه الدعوة, وهو لا يطلب أجراً, ولا يبتغي مغنماً. إنه لصادق. وإلا فما الذي يحمله على هذا العناء والشقاء إن لم يكن يلبي تكليفاً من الله? ما الذي يدفعه إلى حمل هم الدعوة? والتعرض لاذى الناس وشرهم واستهزائهم وهو لا يجني من ذلك كسباً, ولا يطلب منهم أجراً? !!.

فلقد تسائل مع نفسه قبل أيمانه لماذا لا أعبد الذي فطرني؟ والذي إليه المصير? وما الذى يجعلنى ارفض هذا المنهج الطبيعى ؟!!!

ثم يبين ضلال المنهج المعاكس. منهج من يعبد آلهة غير الرحمن لا تضر ولا تنفع. وهل أضل ممن يدع منطق الفطرة الذي يدعو المخلوق إلى عبادة خالقه, وينحرف إلى عبادة غير الخالق بدون ضرورة ولا دافع? !!

ولكن ماذا حدث بعد ذلك ؟

تسدل الستار على الدنيا وما فيها وعلى القوم وما هم فيه ويرفع الستار لنرى هذا الشهيد نراه في العالم الآخر.

ونرى مقامه الذى ادخره له الله عز وجل وهو مقام يليق بالمؤمن الشجاع المخلص الشهيد: يقول الله عز وجل

(قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ .. بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ).

فنرى الرجل المؤمن. وقد شاهد ما آتاه الله في الجنة من المغفرة والكرامة, يذكر قومه طيب القلب رضي النفس يتمنى لو يراه قومه ويرون ما آتاه ربه من الرضى والكرامة, ليعرفوا الحق, معرفة اليقين.

هذا كان جزاء الايمان وان اصعب شىء على الانسان هو الايمان لانه عكس هوى النفس الا من رحم ربى اما الكفر فهو سهل الفجور سهل التكذيب سهل ولانه سهل فهو ضعيف ولقد استسهل اصحاب القرية كل هذا وأستصعبوا الأيمان

ولكن ماذا حدث لاصحاب القرية؟

فالكفر كان أهون على الله من أن يرسل عليه الملائكة لتدمره. فهو ضعيف ضعيف:

((وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ .. إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ)).

الهلاك لم يأخذ وقتا طويلا وذلك تصغيرا لقدرهم وتهوينا لشأنهم . فما كانت إلا صيحة واحدة أخمدت أنفاسهم. ويسدل الستار على مشهدهم البائس المهين الذليل!

لم يذكر لنا الله عز وجل اسم هذا الرجل فأسمه لا يهم لم يذكر الله لنا غير مصيره وهو دخول الجنة لانه هو المهم هذا الوعد الذى وعد الله به عز وجل عباده المؤمنين فى القران الكريم ومن اصدق من الله قيلا

هكذا ايضا حدث مع الرسل اجمعين منهم من كذبوهم فكان مصيرهم النار ومنهم من صدقوهم فكان مصيرهم الجنة ولا يوجد خط فاصل بين الجنة والنار فالنهاية اما جنة واما نار

وهذا ايضا ما حدث للمسيح عيسى بن مريم فمنهم من كذبوه فى حياته ومنهم من كذبوه بعد رفعه وهؤلاء الذين كذبوه وهم على يقين انهم مؤمنين به حق الأيمان ويتضرعون له فى صلواتهم وقداسهم قد أستسهلوا التكذيب ورفضوا واستصعبوا الأيمان فكانوا مثل اصحاب القرية


وحق فيهم قول الله عز وجل فى سورة المرسلات

بسم الله الرحمن الرحيم

((وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15) أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآَخِرِينَ (17) كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (18) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (19) أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21) إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (23) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (24) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً ‎وَأَمْوَاتًا (26) وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا (27) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (28) انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (29) انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (30) لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (31) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ (33) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (34) هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (35) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (36) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (37) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (38) فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (39) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (40) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (41) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (42) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (44) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (45) كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (46) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (47) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ( 48 وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (49) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50) }. صدق الله العظيم .


و اما الفرق بينهم وبين هذا الرجل الصالح انه كان معه من الله عز وجل وعد بالجنة ام هم فلا يوجد لديهم اى وعد بالجنة
!!![/SIZE][/COLOR]