أعداء القرآن

إن لعداء اليهود والنصاري للإسلام أشكال كثيرة ومحاولات في محاربته متعددة ؛ من أجل النيل منه , وصرف الناس عنه , وتشكيك المسلمين في ثوابته وصدق دعوته , ولكن رغم فشلهم طيلة أربعة عشر قرنا لم يتطرق إليهم اليأس , ولم يقتنعوا بصدق الدعوة المحمدية , بل زاد مكرهم وتعددت صور الخداع والتظليل مع تطور الزمن وتقدم العلوم . وإذا كانت هذه المحاولات في بداية الأمر سرا فهي اليوم جهارا نهارا , يقول الحق تبارك وتعالى : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) الصف آية8- ويقول سبحانه : " وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (سورة المائدة 48)
فإن التحذير للنبي نفسه صلى الله عليه وسلم من أن يفتنه غير المسلمين عن بعض آيات القرآن , كان منذ بداية الدعوة , فهذا الموضوع ليس بجديد ؛ ولكنه متجدد ومتطور في كل عصر حسب تفنن أهله في التدليس والتزوير .
ونحن نؤمن بالقرآن إيمانا لا يراوده شك في أنه منزل من عند الله , وهو أساس لعقيدة التوحيد فمن شك في شئ منه خرج من الملة .
ويقول الحق تبارك وتعالى : " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " الحجر9) في تفسير هذه الآية : يؤكد الله سبحانه أنه هو المنزل علي سبيل القطع والجزم , وانه هو الذي بعث به جبريل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم , وبين يديه ومن خلفه حفظة ورصد يحفظون القرآن حتى يبلغه محفوظا تاما غير منقوص ولا مزيد فيه. وتلك خصوصية للقرآن , قد تكفل الله وحده بحفظه ورعايته ما دامت السموات والأرض , ولذلك لم ير فيه في أي وقت ولا في أي مكان زيادة أو نقص ولا تجريف ولا تبديل بخلاف الكتب السابقة .
ورغم المحاولات العديدة لتحريف ألفاظه فإنها باءت بالفشل ، رغم ما أنفقوا في سبيل ذلك (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ) الأنفال -36- ؛ وقد قيض الله العلماء لحفظ القرآن والذب عنه إلى آخر الدهر, فما أن يحاولوا تحريف آية منه إلا ويكشف الله أمرهم ويفضحهم ، وعندما فشلوا في تحريف نصوصه عملوا على تحريف معانيه ليوافق تطلعاتهم ، ويخدم سياساتهم ، في القضاء علي الإسلام كما يتمنون .
وفي قوله تعالى في سورة القيامة : لاتُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (١٩) " أي لا تحرك به لسانك عند إلقاء الوحي عليك لأجل أن تتعجل بحفظة مخافة أن يتفلت منك إن علينا جمعه في صدرك يا محمد وأن تحفظه . ثم إن علينا بيان ما أشكل عليك فهمه من معانيه وأحكامه . أليس ذلك من الأدلة القوية علي أن القرآن من عند الله نصا ومعنى ؟.
ومن خلال المتابعة لكل مشاريع الغرب في العصر الحديث , كلها تجمع أن مصدر قوة المسلمين هو كتابهم أي القرآن فهو الذي عصمهم طيلة هذه المدة بالرغم من الحروب الطاحنة التي تعرضوا لها , وبالرغم من كل الطرق والفنون التي أعدها الغرب أعداء الإسلام من أجل صرفهنا عن هذا الكتاب والتشكيك في صدقه ؛ إلا أنها لم تزيد المسلمين إلا قوة وزيادة في العدد حتى في دول الغرب نفسها , وهذا هو الفزع الأكبر الذي أصابهم ولم يجدوا له دواء , ومن خلال هذه النتائج الباهرة والتي تزيدنا قوة وصلابة في وجه اليهود والنصارى , يجب علينا التسلح بكل ما يرد كيد هؤلاء الأعداء في نحورهم , والدفاع عن ديننا ودستورنا , وأن نكون حذرين من محاولاتهم للنيل من القرآن الكريم متسلحين بقول الله تعالى :( وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) .
نسأل الله العلي القدير أن يحفظ الإسلام والمسلمين من كيد الأعداء وأن يعيننا علي حفظ كتابنا مصدر عزتنا وان يلهمنا الصواب في شئون حياتنا وان يولي أمورنا خيارنا وان يهدي شبابنا إلى طريق الخير والاستقامة ليكونوا جندا لله وحراسا للقرآن من كل منافق .
شكرا لإخواني أعضاء هذا المنتدى لكل ما قدموه في هذا الموضوع , دليلا علي حرصهم وصدق نيتهم في الدفاع عن القرآن والإسلام بصفة عامة
والله ولي التوفيق . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته