حاورت جريدة الفجر الاسبوعية أستاذ اللاهوت والمفكر اللامع الذي يعد من أهم 100 مفكر في العالم هانز كونج "78 عاما" ..كونج أكد إيمانه بأن الإسلام هو أعظم الأديان وأنه يمثل طوق النجاة من خلال أحكامه وقواعده التي وصفها بأنها تتفوق في تحديدها وتركيزها على المسيحية واليهودية ..قمة تصريحات كونج جاءت في إقراره بأن الرسول الكريم هو أعظم شخصية في التاريخ ..مع فقرات من الحوار :

* طوال عشرين عاما اهتممت بتاريخ الاديان السماوية.. كيف تدعو هذه الاديان للسلام بين البشر في حين انها هي الآن التي تحرضهم علي التعصب وتشعل الحروب بينهم؟

-الدين لا علاقة له بما يحدث علي الساحة العالمية، ولكنهم البشر الذين يفتشون عن مبررات كي يقتلوا بعضهم البعض، هم المسئولون عن حالة اللاسلام التي يعيشها العالم، وهنا لا يمكن ان نحمل الاسلام مسئولية الاعمال الارهابية التي يرتكبها تنظيم القاعدة مثلا، البشر هم الذين حولوا الدين الي سلاح لتحقيق مصالحهم واطماعهم ولو التزموا بما في الدين من تعاليم سامية فسوف يختفي العنف الذي يسيطر علي العلاقات بين الشعوب والحكومات .

* هل تعتقد أن الحوار بين الأديان الذي تدعو إليه ينهي الحروب المشتعلة الآن في العراق وافغانستان مثلا؟

- هذا الحوار ضرورة مهما كانت الظروف فلن يوجد سلام بين الدول دون سلام بين الاديان، ولا يمكن تحقيق السلام بينها الا بالحوار، ولا يوجد خيار امام العالم الآن الا الحوار بين الحضارات او الصراع بينها، اقامة هذا الحوار تحتاج الي هدم حوائط الاحكام المسبقة التي نصدرها ضد الآخر، دعوتي لا تعني دمج الديانات في ديانة واحدة، لكنني ادعو الي تناسي الخلافات ونقاط الاعتراض والنظر الي كل ديانة بشكل موضوعي في محاولة للفهم والاستيعاب.

* اعتقد ان هذا الحوار وحده لا يكفي لانهاء الحروب من العالم؟

-بالطبع فالامر يحتاج لقوة فمثلاً امريكا لابد ان تسترجع نفسها مرة اخري كدولة تقوم علي اساس ديمقراطي وتتخلص من هستيريا الحرب التي اصابتها ويبدو انها ستواجه صعوبة كبيرة في التخلص منها.

* سألته عن بداية علاقته بالاسلام... كيف تعرف عليه؟

-قال: كنت شغوفا بالاسلام والاديان السماوية منذ شبابي ومرت علاقتي بالاسلام بمراحل مختلفة كشفت لي عن العمق الذي يتمتع به الاسلام ومقدار الانسانية التي يزخر بها هائلة، وهو ما لا يتناسب مع احداث 11 سبتمبر التي شوهت صورة الاسلام ولذلك لابد من اقامة جسور للدين الاسلامي كي يعبر منها الي العالم لاكتشاف روعته.

* قلت له وكيف اكتشفت انت ذلك؟

- قال: قمت بنشر ثلاثية عن الاديان السماوية الثلاثة كان اخرها كتاب.. «الاسلام.. الماضي الحاضر المستقبل»، ورأيت ان البحث في اساس الاسلام واصول العقيدة ومراكز الايمان بها يدفعنا في النهاية الي نتيجة واحدة وهي ان الاسلام ديانة محددة ومركزة بشكل يتفوق علي المسيحية واليهودية، فكلمات الله محفوظة في كتابه الذي يحمل رسالة واضحة وهي «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، تاريخ الاسلام ايضا يشير الي قدرته علي التواصل والانتشار، وانا اري ان السؤال الاخطر ليس السؤال المتعلق بالغرب ولكن هو السؤال القادم من قلب العالم الاسلامي نفسه وهل هو قادر علي استيعاب مشاكله وحلها ام لا وهل هو قادر علي تجديد نفسه والعبور الي المستقبل ام لا؟

* وكيف يعبر العالم الاسلامي الي المستقبل وهو علي هذه الحالة؟

- النظرة المستقبلية للاسلام تدعو الدول الاسلامية الكبري الي ضرورة ايجاد مساحة تجمع بين دينها وتحديات العصر، وهذا امر ضروري كي تتخلص من قيود الماضي، كما يجب ان تفتح باب الاجتهاد الذي اغلق منذ قرون بعيدة وذلك ليعاد النظر في الاسلام ورسالته بمنظور جديد يمكنها من تطبيق الديمقراطية ومواكبة التطور العلمي والاقتصاد الحر، وكل هذه الامور سبقهم فيها اليهود مع بداية القرن العشرين حيث كانوا اكثر قدرة علي التكيف مع التطورات العلمية والتكنولوجية.

* الحديث عن الاسلام ومستقبله يجعلنا نتحدث عن المرأة وكيف تري وضعها في اطار رؤيتك لمستقبل الاسلام؟

- المرأة في الاسلام تأرجح وضعها وصورتها في العيون بين التقدير والاضطهاد، لكن المؤكد ان القرآن الكريم كرم المرأة بدليل ان الكثير من النساء في العالم الاسلامي يطالبن بالرجوع إليه من اجل تحسين اوضاعهن التي منحها الاسلام لهن، فالاسلام منح المرأة حقوقا كثيرة لم تكن متاحة لها من قبل، فهي لها ذمة مالية منفصلة وتحتفظ باسمها بعد الزواج، ومن حقها ان ينفق زوجها عليها كما لها حق الإرث في زوجها، كما حافظ لها القرآن علي حقوقها المالية بعد الطلاق.

* أنت تدعو الي مؤسسة اخلاق عالمية، وهو مشروع تعتز به كثيرا، لكن البعض يري انك تدعو بذلك الي دين جديد؟

-هذا مشروع اعتز به كثيرا واتمني ان يتحقق، فهو يعتمد علي وضع قاعدة من الاخلاق تتفق عليها الديانات الثلاث، ولا يسعي الي خلق دين جديد، ولايسعي الي تمكين الغرب والثقافة الغربية من الاسلام ولكنه مشروع يطالب بايقاف العنف واقامة العدل والحق والمشاركة بين الرجل والمرأة، هو دعوة تناهض الحرب وتساعد العالم كي يسترجع انسانيته مرة اخري، في اطار هذه الدعوة قمت باداء صلاة مشتركة تجمع ابناء الديانات الثلاث، وهي اقرب لدعاء فيه ان يرحم الله قادة الدول والحكام ولا يسعوا وراء القوة والمجد ويؤدوا واجبهم بمسئولية من اجل الخير والسلام، ويرشد المجتمعات الدينية وقادتها حتي لا يدعوا للسلام ولكن كي يعيشوا في سلام.

* قلت لهانز كونج: هل تعتقد ان قادة الدول ورجال الدين يلعبون دورا رئيسيا في الحروب التي يشهدها العالم؟

-الحكام في الكثير من الدول لا يبحثون عن السلام بسبب الفساد والبحث عن السلطة والنفوذ وتثبيت حكمهم، وهو ما ينطبق علي رجال الدين الذين يسعون في بعض الاحيان لتدعيم وجودهم وبالتأكيد سيطرتهم حتي لو كان هذا يعني الدعوة الي الحرب، فالرئيس الوحيد الذي قابلته واعتقد انه كان يسعي الي الخير ويتعامل مع سلطته من منظور اخلاقي هو الرئيس الامريكي جيمي كارتر وهو نموذج من الصعب العثور عليه الآن.

* قلت له انت بذلك ضد فكرة فصل الدين عن الدولة؟

- الكثير من الدول التي قامت دون اساس ديني انتهي بها الامر الي ارتكاب الكثير من الجرائم في حق الإنسانية مثل الانظمة الشيوعية، لكن في نفس الوقت الربط بين الدين والدولة ينتج عنه الكثير من المشاكل النابعة من الفساد وعدم تحكيم الضمير.

* كان لابد ان اسأله في النهاية عن مشروعه للاخلاق العالمية ومدي توافقه مع الدين الاسلامي؟

-فقال انني استشهد هنا برأي الباحث الاسلامي الهندي إسمار علي الذي اكد لي ان اعلان برلمان اديان العالم بشأن الاخلاق العالمية الذي تم عام 1993 اتي بمبادئ تتفق مع روح الدين الاسلامي وتعاليم القرآن الكريم، وبالتالي فإن تطبيق مشروع الاخلاق العالمية لابد ان يلقي ترحيباً من العالم الاسلامي اكثر من اي مكان اخر.


http://www.elfagr.org/TestAjaxNews.a...776&secid=2276