أن المرأة تساوي الرجل في الحقوق والواجبات، فلها مثل ما له وعليها مثل ما عليه، وهي تلتزم للرجل بما يقابل التزاماته لها، فكل حق لها على الرجل يقابله واجب عليها للرجل، وكل حق للرجل عليها يقابله واجب على الرجل لها، وذلك مصداقاً لقوله تعالى: [وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ] البقرة: 238.
ولكن الشريعة مع تقريرها المساواة بين الرجل والمرأة كقاعدة عامة ميزت الرجل على المرأة بميزة واحدة، فجعلت له على المرأة درجة في قوله تعالى: [وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ] البقرة: 228 وقد بين القرآن الكريم حدود هذه الميزة أو الدرجة التي اختص بها الرجل في قوله تعالى: [الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ] النساء:34 فبين ذلك أن الدرجة هي درجة الرئاسة والقوامة على شئونهما المشتركة.
ولا شك أن الرجل وهو المكلف طبقاً للشريعة بالإنفاق على المرأة وتربية الأولاد والمسئول الأول عن الأسرة أحق بالرئاسة والقوامة على شئون البيت، لأن مسئوليته عن هذه الشئون تقتضي أن يكون صاحب الكلمة العليا فيها.
فالسلطة التي أعطيت للرجل إنما أعطيت له مقابل المسئولية التي حملها ليتمكن من القيام بمسئولياته على خير وجه، وهذا تطبيق دقيق لقاعدة شرعية عامة هي القاعدة التي تقول: (السلطة بالمسئولية
) تلك القاعدة التي جاءت بها الشريعة لتحكم علاقة أصحاب السلطان بغيرهم، ولتبين مدى سلطتهم ومسئوليتهم والتي قررها الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها).
وإذا كان للرجال درجة على النساء في شئونهما المشتركة فإن الرجل لا يتميز على المرأة في شئونها الخاصة، وليس له عليها أي سلطان فهي تستطيع مثلاً أن تتملك الحقوق وتتصرف فيها دون أن يكون للرجل ولو كان زوجاً أو أباً أن يشرف عليها أو يتدخل في أعمالها.
هذا هو مفهوم الرجل والمرأة في نظر الشريعة الإسلامية.. وأكتفي بهذا القدر وإلا الحديث عن المرأة والرجل يطول وحتى لا نخرج عن دائرة البحث فنحن نتحدث عنهما في إطار محدد ذلك الإطار الخاص بمبدأ نظام الحكم في الإسلام، أما في الحكومات العلمانية فالتطرف في الفكر قد يكون كبيراً إذ أنهم قد ألغوا التمييز بين الرجل والمرأة وراحوا يطلقون في العنان.