حائرة .. على أعتاب .. دار الكتاب المقدس .. في معرض القاهرة الدولي للكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة المسلمون جميعا .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كانت الساعة تشير للعاشرة والنصف صباحا يوم الثلاثاء .. الوقت يجري سريعا .. علي أن اذهب اليوم كما ذهبت بالأمس إلى ذلك الوكر في معرض الكتاب .. وكر الدعوة للخروج من النور إلى الظلمات .. وكر الخروج من عبادة الله إلى عبادة العباد والمسيح بن مريم والقسيسين والرهبان .. وكر الخروج من تنزيه الله إلى قول الكذب عليه سبحانه .. وكر الخروج من طهارة الأنبياء إلى دنس السفهاء وزناهم وسكرهم وسرقتهم وعبادتهم للأوثان .. ارتديت بدلتي الوحيدة :hb: بسرعة أخذت معي ابنائي ليروا معي كيف هي عقيدة عُباد الصليب على الواقع رأي العين .. اقتربنا من الوكر .. الوكر الذي يقولون فيه أن الله العظيم القدير المهوب الجبار الذي تتزلزل السموات والأرض من هيبته .. قد ضيق على نفسه فأصبح بويضة لُقحت من الروح القدس ليصبح جنينا وليخرج من فرج امرأة في زريبة بقر ولتقمطه أمه وليصير انسانا ابن انسان دودة رمة مُحتقر لا شكل له ولا جمال ولُيقتل ويصلب ويُبصق في وجهه ويُستهزئ به حتى يغفر لآدم أكله من شجرة الجنة وصدق الله القائل "مالهم به من علم ولا لأبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا".
- أخذت جانبا على المدخل الأيمن لدار الكتاب المقدس والذي تقع على جانبه الأيسر دار خلاص النفوس .. وقفت وعيناي على المدخلين .. هاهي فتاة مسلمة صغيرة لاتتجاوز الخامسة عشرة من عمرها تدخل وكر عُباد الذي قال عنه بولس أنه ملعون .. مع أن بولس لم يجرؤ أن يقول على الله إلا "العزيز المبارك" .. وقال على يسوع الملعون!
- هاهي الدقائق تمر .. والفتاة تخرج مسرعة الخطى من وكر الظلمات نحونا .. يا ترى لماذا تسرع هذه الفتاة هكذا حتى إنها تجاوزتنا في ثوان معدودة؟ .. ناولت ابنتي كتابين هما "مختصر عقيدة عباد المسيح و أربعون بشارة بالإسلام والنبي محمد" وأشرت إليها أن اسرعي خلف هذه الفتاة وأعطيها الكتابين .. هرولت ابنتي جارية خلف الفتاة لتلحق بها على بعد حوالي ثلاثين مترا .. وبإلهام من الله اسرعت أنا ايضا خلفهما .. ففتاة تسير مسرعة هكذا لا تلتفت .. وراءها سر كبير .. ناولت ابنتي الفتاة الكتابين .. ولحقت بهما أنا وبدأت حديثي مع تلكم الطفلة الفتاة:
حبيب عبد الملك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفتاة: عليكم السلام
حبيب عبد الملك مشيرا إلى ابنته: هذه هي ابنتي .. وقد رأيناك تشترين بعض الكتيبات من دار الكتاب المقدس .. ويبدو عليك أنك مسلمة.
الفتاة: نعم .. ثم تنظر نظرة حائرة وكأنها تنظر لشيئ بعيد ولا ترد بعد ذلك.
حبيب عبد الملك: لقد أعطتك ابنتي كتابين أحدهما اسمه "مختصر عقيدة عباد المسيح" وهو يتكلم عن اعتقادهم في إلههم أنه خروف وأنه كاللبؤة وأنه دودة وأنه تجسد في بطن مريم وخرج من وسط الدماء في زريبة البقر و أن أمه تطهرت من ولادتها له بعد أربعين يوما وأنهم ختنوه وبعدما صار له ثلاث وثلاثين سنة أمسكه حفنة من اليهود والرومان وصفعوه والبسوه ملابس النساء وبصقوا على وجهه ولكموه وضربوه بالقصبة على رأسه وعروه وصلبوه وقتلوه .. هذا هو ربهم.
- أما المسيح فلم يقل أنه أكثر من انسان ابن انسان .. والله قد قال لهم إنه ليس انسانا ولا بن انسان .. بل والمسيح يقول "إني صاعد إلى إلهي" .. وحينما أحيا ميتا بإذن الله قال "ليؤمنوا أنك ارسلتني" .. وقال "هذه هي الحياة الأبدية أن يؤمنوا بك أنت الإله الحقيقي وحد ويسوع المسيح الذي أرسلته".
- بل إن بولس قال لهم "الذي وُضع قليلا عن الملائكة يسوع" .. يسوع أقل من الملائكة .. فهل يكون هو الله؟
- أما قولهم على انبياء الله فإني استحيي أن أقول لك شيئا ولكن اقرأي الكتاب وقارني ماهو مكتوب بما هو مثبت في الكتاب المقدس .. ولكن هل يمكن أن يكون النبي سليمان مات وهو يعبد الأصنام .. ثم يصفه المسيح بن مريم بأن حكمته كانت من حكمة الله .. هل تصدقي أن الله يأمر الأنبياء بأكل الفضلات الخارجة منهم وبشرب بولهم وأن يعقوب النبي ابن اسحاق قد صرع الله .. وأن الله يأمر ابشالوم بن داود أن يفعل الفاحشة مه نساء ابيه النبي داود؟
- لو اشتريتي نسخة من الكتاب المقدس الارثوذوكسية "الفان ديك" ستجديها 66 سفرا وسبعة اسفار أخرى يسمونها قانونية .. لو اشتريتي نسخة من الكتاب المقدس الكاثوليكية ستجديها 73 سفرا .. لو اشتريتي نسخة من الكتاب المقدس البروتوستانتية ستجديها 66 سفرا فقط لأنهم لا يعترفون بباقي الأسفار السبعة فهم يقولون أنها ليست وحيا؟
- بالنسبة للكتاب الثاني "أربعون بشارة بالإسلام والنبي محمد في الكتاب المقدس" .. فيكفيني أن أقول لك إن الله قد أخبرهم أن سيرسل لهم نبيا من ديار قيدار ابن اسماعيل في جزيرة العرب .. وسينصره الله نصرا مبينا وستؤمن به جزيرة العرب كلها .. وهذا النبي كان ضالا فهداه الله وغافلا فاجتباه الله .. هذا النبي يكرم شريعة الله وحدوده ويقول والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها .. نظرت على استحياء إلى وجه الفتاة "الطفلة" .. لأجد وجها غير الذي رأيته من دقائق .. تبدل الحزن ابتساما والحيرة يقينا .. وبابتسامة واثقة .. قالت الفتاة المسلمة .. جزاكم الله خيرا .. حينئذ سمعت آية من القرآن ترن في أذني بصوت جميل لتقول "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" .. رجعت لمكاني مرة ثانية لأنتظر .. حائر أو حائرة أخرى على أعتاب دار الكتاب المقدس.
