الكوميديا الالهيه !!

بسم الله الرحمن الرحيم

شعرت بحاجة إلى أن اتأمل هذا الكون الكبير إنه كون عظيم توجد فيه مسافات شاسعة لا يتصورها عقل، تتجمع فيه النجوم بشكل رائع يدل على إتقان صنع الله تعالى، وقد خلق الله هذا العدد الهائل من المجرات والنجوم ليؤكد لنا أن الله أعظم وأكبر.

لكن هذه الأرض ليست حكراً لنا وحدنا إن أصنافاً أخرى من الخلائق تعيش فوقها زاحفة أو طائرة لها أرزاقها ومساربها، ومستقرها ومستودعها، ويقظتها ومنامها .ثم ما عالم الجماد فى هذه الكرة المعلقة الطائرة فى جو السماء ؟ إن أغلب سطحها ماء مشحون بعوالم أخرى ومن تحت الماء وحوله يابسة تختفى فى قشرتها معادن خسيسة وكريمة ..
وتحت القشرة الباردة وما ضمت من رطب ويابس توجد نار مستعرة، وباطن ملتهب.وعدت إلى نفسى وأنا فى هذه الجولة الفكرية لأتساءل :
ما هذا كله ؟ ثم ما نحن فى هذا العالم الكبير ؟
فوجدت الاجابة على هذا السؤال عندما رايت هذه الصورة

http://www.kaheel7.com/userimages/un...ars_galaxy.JPG

والآن لنتأمل هذه الصورة لجزء صغير من مجرتنا درب التبانة لمنطقة تسمى M13 وهي عبارة عن تجمع للنجوم يحوي أكثر من 100000 نجم، ويبعد عنا 25000 سنة ضوئية. وهذا التجمع هو واحد من 150 تجمعاً في مجرتنا. إن كل نجم من هذه النجوم هو شمس كشمسنا أو أكبر منها. هذه الشموس تقترب من بعضها إلى مركز العنقود وتصطدم وهناك نجوم تموت ونجوم تُخلق نتيجة الاصطدامات، وفق نظام مهيب لا يعلم حقيقته إلا الخالق تبارك وتعالى.

لذلك عندما نرى مثل هذا المشهد المهيب يجب أن نتذكر عظمة الخالق تبارك وتعالى، وبالمقابل نتذكر ضآلة حجمنا أمام هذا الكون! فطول الإنسان مقارنة بأبعاد الكون هو أقل من:جزء من مئة تريليون تريليون (التريليون واحد بجانبه 12 صفراً)

والآن ماذا أريد أن أقول ؟

إننى عرفت الله بالنظر الواعى إلى نفسى وإلى ما يحيط بى، وخامرنى شعور بجلاله وعلوه وأنا أتابع سننه فى الحياة والأحياء .وبدا لى أن أستمع إلى ربى بما ينبغى له من إعزاز وحمد فى الوحى الذى أنزله .
كان أقرب وحى إلى هو القرآن الكريم لأننى مسلم، فلما تلوته وجدت التطابق مبيناً بين عظمة الله فى قوله، وعظمته فى عمله .
سمعته يقول ( الله خالق كل شىء له مقاليد السموات والأرض وهو على كل شىء وكيل) الزمر
( بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة، وخلق كل شىء وهو بكل شىء عليم، ذلك الله ربكم، لا إله إلا هو خالق كل شىء وهو على كل شىء وكيل)

وآيات أخرى كثيرة كثيرة، كلها شواهد على أن ما وقر فى نفسى عن الله بطريق العقل قد أيده النقل تأييداً مطلقاً، وجعلنى أستريح إلى الإسلام فكراً وضميراً .
ومع ذلك فإن حب الاستطلاع دفعنى إلى أن أطالع ما بأيدى الآخرين من كتب منسوبة الى السماء و قلت ربما أضافت جديداً إلى ما عندى .

ومددت يدى إلى الكتاب المقدس وشرعت أقرأ بدء الخلق، وقصة الحياة كما رواها العهد القديم و من هنا بدأت مسرحية الكوميديا الالهيه .

فصول المسرحية

الفصل الاول الله يتعب !!

هل يمكن أن يتعب الله، وأن يأخذه الإعياء بعد عمل ما ؟ يجب على هذا السؤال القرأن الكريم ( أو لم يروا أن الله الذى خلق السموات والأرض ولم يعى بخلقهن بقادر على أن يحيى الموتى بلى إنه على كل شىء قدير ) الاحقاف

لكن العهد القديم يذهب غير المذهب، ويصف الله فيقول( وفرغ الله فى اليوم السادس من عمله فاستراح فى اليوم السابع من جميع عمله الذى عمل، وبارك الله السابع وقدسه، لأنه فيه استراح من جميع عمله الذى عمل الله خالقاً ) الاصحاح الثانى من سفر التكوين .
ودعك من الركاكة التى صيغت بها هذه العبارات، فقد يكون المترجم هابط الأسلوب فى التعبير عن معنى ما، لكنك لا تستطيع أن تفهم معنى آخر من هذا الكلام، إلا أن الله استراح من جميع اعماله فى اليوم السادس كيف جرى الحديث عن الله بهذه الكلمات ؟ لعلها غلطة ناقل، لكن الحديث عن عجز الله تبعه حديث آخر عن جهله .

الفصل الثانى : الله يجهل
واسمع إلى وصف العهد القديم لآدم وزوجه بعدما أكلا من الشجرة:
(وسمعا صوت الرب الإله ماشياً فى الجنة عند هبوب ريح النهار، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله فى وسط شجر الجنة، فنادى الرب الإله آدم وقال له: أين أنت ؟ فقال: سمعت صوتك فى الجنة فخشيت لأنى عريان فاختبأت . فقال: من أعلمك أنك عريان، هل أكلت من الشجرة التى أوصيتك أن لا تأكل منها ؟ .. “ (سفر التكوين: الاصحاح الثالث)
ما هذا ؟ كان الإله يتمشى فى الجنة خالى البال مما حدث، ثم تكشفت له الأمور شيئاً فشيئاً، فعرف أن آدم خالف عهده، وأكل من الشجرة المحرمة !
تصوير ساذج يبدو فيه رب العالمين وكأنه فلاح وقع فى حقله

الفصل الثالث الله يأكل

على أن هذه القصة أيسر من دعوة الله إلى ضيافة نبيه إبراهيم، لقد قدم الله فى شكل رجل مع اثنين من ملائكته، وأقام لهم إبراهيم وليمة دسمة، فأكلوا منها جميعاً !!
وكان إبراهيم حريصاً على إحراز هذا الشرف، شرف أن يأكل الله فى بيته، فلما لبى الله الدعوة أسرع الرجل الكريم فى إعداد مائدة مناسبة ! وهذه القصة كما رواها سفر التكوين:
“ وظهر له الرب .. ونظر وإذا ثلاثة رجال .. وقال: يا سيد (يقصد الله) إن كنت قد وجدت نعمة فى عينيك فلا تتجاوز عبدك .. فأسرع إبراهيم إلى الخيمة إلى سارة وقال: اعجنى واصنعى خبز ملة، ثم ركض إبراهيم إلى البقر وأخذ عجلاً رخصاً وحيداً وأعطاه للغلام فأسرع ليعمله ثم أخذ زبداً ولبناً والعجل الذى عمله ووضعها قدامهم وإذا كان هو واقفاً لديهم تحت الشجرة أكلوا، وقالوا له: .. ويكون لسارة امرأتك ابن .. فضحكت سارة فى باطنها قائلة: بعد فنائى يكون لى تنعم وسيدى قد شاخ ! فقال الرب لإبراهيم: لماذا ضحكت سارة .. ؟ هل يستحيل على الرب شىء ؟ “ (الاصحاح الثامن عشر من سفر التكوين

الفصل الرابع : المصارعة لله

ونتجاوز هذه المائدة الدسمة التى أكل منها الرب وملائكته، لنقف بإزاء قصة أخرى من أغرب وأفجر ما اختلق الروائيون !!
القصة الجديدة تحكى مصارعة بين “ الله “ وعبده “ يعقوب “ !
.. وهذه المصارعة دامت ليلاً طويلاً، وكاد يعقوب يفوز فيها لولا أن الطرف الآخر فى
المصارعة ـ وهو الله !! ـ لجأ إلى حيلة غير رياضية هزم بعدها يعقوب !
ومع ذلك فإن يعقوب تشبث بالله وأبى أن يطلقه حتى نال منه لقب “ إسرائيل “ !!
ومنحه الله هذا “ اللقب الفخرى “ ثم تركه ليصعد إلى العرش ويدير أمر السماء والأرض، بعد تلك المصارعة الرهيبة

وهذه هى القصة كاملة من سفر التكوين
( فبقى يعقوب وحده وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر، ولما رأى أنه لا يقدر عليه ضرب حق فخذه فانخلع حق فخذ يعقوب فى مصارعته معه، وقال: أطلقنى ! .. فقال: لا أطلقك إن لم تباركنى ! فقال له: ما اسمك ؟ فقال: يعقوب، فقال: لا يدعى اسمك فى ما بعد يعقوب بل إسرائيل .. وسأل يعقوب وقال: أخبرنى باسمك
فقال: لماذا تسأل عن اسمى ؟ وباركه هناك . فدعا يعقوب اسم المكان “ فينيئل “ قائلاً: لأنى نظرت الله وجهاً لوجه ونجيت نفسى .. لذلك لا يأكل بنو إسرائيل “ عرق النسا “ الذى على حق الفخذ إلى هذا اليوم لأنه (الله) ضرب حق فخذ يعقوب على عرق النساء !! “ (سفر التكوين الاصحاح: 32)

أى سخف هذا، وأى هزل ؟؟ أى عقل مريض أوحى بهذا القصص السفيه ؟؟ ولكن اليهود يريدون أن يرفعوا مكانة جدهم الأعلى، ولا عليهم أن يختلقوا ما يستغربه الخيال، وكم يفخر اليهود إذ كان أبوهم بهذه المثابة من القوة التى عاجزت الإله، وكادت توقع به الهزيمة !!

و بهذه الفصول الاربعة تنتهى مسرحية الكوميديا الالهيه كما وردت فى الكتاب المقدس

عن كتاب قذائف الحق / محمد الغزالى

ترفع الستار