لنرى الآن كيف تتحدث النصارى عن ربهم المعبود :
الجلد .. وأكليل الشوك
إذا ذاك بدأت سلسلة الأعذبة ؛ وافتتح مساق الأحداث التي كان لا بد أن يسيل فيها دم المسيح في تزايد مستمر . كان بيلاطس قد صرح أنه سوف " يؤدب " يسوع قبل أن يطلقه ؛ ومع كونه قد ألجئ إلى إطلاق براباس فقد احتفظ بقراره ، وأمر بجلد الصديق . إن الإناجيل ، سواء في رواية متى أم مرقس أم يوحنا ، قد اقتصر على ذكر القليل من وصف هذا المشهد المريع . وأما لوقا فقد أغفله إغفالاً تاماً ؛ ولكأن الرعب المقدس قد أزال أصحاب الإناجيل عن الإطناب في وصف تلك الفظاظة .
http://www.hollywoodjesus.com/movie/passion/54.jpeg
هذا ، ولم يكن من أهل العصر من بات يجهل تلك العقوبة التي كان قد شاع استعمالها جداً . وقد أتى الأدباء اللاتينيون على وصفه مراراً : وإننا لنسمع ، من خلال سويتون وتيت – ليف ، صيحات القضاء يستحثون الجلادين على الإمعان في الضرب، ونري، من خلال شيشرون وبلوتارك، المذنب يتلوى تحت الجلدات، وقد تدرج جسمه بالدم، وهوي إلي الأرض، هذا إذا لم يفارق الحياة قبل نهاية العقاب …
http://www.hollywoodjesus.com/movie/passion/05.jpeg
وأما عند اليهود، فكان الجلد من الأعذبة القديمة، وقد ورد ذكره في سفر تثنية الإشتراع (فصل 25) 25: 1 اذا كانت خصومة بين اناس و تقدموا الى القضاء ليقضي القضاة بينهم فليبرروا البار و يحكموا على المذنب 25: 2 فان كان المذنب مستوجب الضرب يطرحه القاضي و يجلدونه امامه على قدر ذنبه بالعدد ، وكانوا يعمدون إليه في بعض الأحوال المعينة، (مثلاُ في معاقبة الحر إذا أفضي إلي أمة غيره)
http://www.hollywoodjesus.com/movie/passion/24.jpg
ولكن الشريعة الموسوية كانت قد لطفت من قسوته بعض الشئ. وكانوا يستعملون له السوط المألوف أو العصي، ولا يأذنون بضرب المذنب أكثر من أربعين جلدة، وكانوا خوفاً – من تخطي هذا الرقم – يكتفون بتسع وثلاثون جلدة : ثلاث عشرة علي الصدر، ومثلها علي كل من المنكبين، وربما عمدوا أحياناً إلي استعمال سوط بثلاثة سيور يضربون به المذنب ثلاث عشرة جلدة.
http://www.hollywoodjesus.com/movie/passion/27.jpg
وأما عند الرومان، فكان الأمر أشد هولاً : فعدد الجلدات لم يكن محدداً، في الشرع، بل متروكاً لحكم القاضي أو لهوي الجلاد. وكانوا يستعملون نوعين من المضارب: السوط، وهو مجموعة من الأقدة الجلدية، إذا عنف بها الجلاد، استطاع أن يقصم بها ترقوة الصدر أو سلسلة الظهر، وإذا لطف بها، استطاع أن يقشط بها الجلد قشطاً ذريعاً … والمجلدة وهي مجموعة من السلاسل الحديدية تناط بأطرافها كريات معدنية أو عظيمات خروف. ويؤخذ من نص القديس مرقص، باللغة اليونانية، أنهم جلدوا يسوع بمثل هذه الأخيرة … وأما عمود الجلد فكان اسطوانة عريضة وقصيرة (علوها قدمان وبعض القدم) ينحني عليها المجلود – وقد عري من ثيابه – انحناءه يتوتر معها الجلد، فيخترقه السوط اختراقاً أحكم
والعجيب أن إنجيل يوحنا قال :
ـ يوحنا 19:36
وَقَدْ حَدَثَ هَذَا لِيَتِمَّ مَا جَاءَ فِي الْكِتَابِ: «لَنْ يُكْسَرَ مِنْهُ عَظْمٌ!».
http://www.hollywoodjesus.com/movie/passion/06.jpeg
. بعد أن أنجز الجلادون مهمتهم، " اقتاد الجند يسوع إلي دار الولاية وجمعوا عليه الكتيبة كلها. ونزعوا عنه ثيابه وألبسوه رداء قرمزياً، ثم ضفروا إكليلاً من الشوك ووضعوه علي رأسه، ووضعوا قصبة في يمينه، وجثوا قدامه، وهزأوا به قائلين: (سلام، يا ملك اليهود! ) ، وبصقوا عليه وأخذوا القصبة، وضربوا بها رأسه" (متي 27 : 26 – 3.، مرقص 15 : 15 – 19 ، لوقا 23 : 24 – 25 ، يوحنا 19 : 1 – 3 )
http://www.hollywoodjesus.com/movie/passion/12.jpeg
هذا اللون الآخر من التنكيل لم يكن بيلاطس قد أمر به. ولكن الرعاع البشري شديد الوطأة علي من خانهم الدهر، فكيف إذن بتلك الحثالة العسكرية المتكالبة ؟ .. لقد كانوا علي الأرجح – من مرتزقة سورية أو البادية، وربما أيضاً من أهل السامرة، تحت إمرة بعض الضباط الرومانيين. وإذا يهودي بين أيديهم! فرصة سانحة للإنقضاض عليه بسخائمهم الموروثة ! وعلي كل فلم يكن الرجل – وقد أمر الوالي بجلده – ممن يوزن لهم وزن !
http://www.udayton.edu/mary/gallery/indcrux.jpg
وقد يكون في نقوش الليثستروتس، ما يشير أيضاً إلي شكل الإكليل. فهو لا يتألف فقط من عصابة تحيط بالرأس، بل تصعد منه حداد مسننة. هو "التاج الشعاعي"، المعروف في الشرق، كما يبدو رسمه في عملة أنطيوخس إيبيفانس (175 – 164 ق. م .).
وأما العشبة التي ضفروا منها إكليل المهانة، ففيها مزاعم كثيرة … مهما يكن من أمر، فالمسيحيون قد آنسوا دائماً في ذاك التاج المشين رمزاً بليغاً إلي التواضع والتجرد اللذين وضعهما المسيح في قمة الفضائل. لا ندري هل كان المسيح لا يزال مكللاً بالشوك وهو علي الصليب … بيد أن ذاك الإكليل الوجيع هو الذي لا يزال المسيح يحمله في قلب الذين يحبونه …
http://www.jesus-passion.com/ChristNailedToCross20.jpg
خاب أمل الوالي . " فإن رؤساء الكهنة والشرط ، إذ ابصروا يسوع ، صرخوا قائلين : " أصلب ! اصلب ! " ؛ فقال لهم بيلاطس : " خذوه أنتم واصلبوه ، فإني أنا لا أجد عليه علة ! " ( يوحنا 19 : 6 – 7 ) ؛ وكان جوابهم حاضراً ، فقالوا : " إن لنا ناموساً ، وبحسب الناموس يستوجب الموت ، لأنه جعل نفسه ابن الله ! " . انتقلت التهمة إذن إلى حيز الدين : أولم تكن السلطة الرومانية قد تعهدت بمراعاة الشرع اليهودي ؟ أو لم تكن السلطة بالذات قد أعدمت جندياً رومانياً ، لأنه أقدم – استهتاراً – على إتلاف بعض كتبهم المقدسة ؟ .. وأما يسوع فكان قد جدف …
فهل يمكن بعد ذلك أن نقول أن المصلوب هو الله ؟
أو نقول أن اللاهوت لم يتعذب بعذاب الناسوت ؟ !!!!!!!!!!!
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {5/36} يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ {5/37}