طيب يا أستاذة كاتي إليك أحد الأدلة العلمية على صدق رسالة الإسلام وصدق نبينا صلوات ربي وسلامه عليه .. أضعه لك ولكل الزملاء النصارى المتابعين لنا كزوار ..
ولقد قال العلامة الألباني رحمه الله : ((طالب الحق يكفيه دليل ، و صاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل !))
ولنبدأ بهذه الصورة :
هل تعلمين يا كاتي أنه في الوقت الذي كانت الكنيسة تحرق كتب عالم الفلك والفيزياء الشهير"جاليليو جاليلي" (القرن السادس عشر من الميلاد) وقامت بنفيه بتهمة الهرطقة ( لأنه اكتشف حقيقة أن الأرض ليست ثابتة وتدور حول الشمس على نقيض ما يقوله الكتاب المقدس من أنها مربعة الشكل وثابتة لا تتزعزع [1]) ، كان علماء المسلمين وقبل ذلك بقرون كثيرة قد سبقوا وأجمعوا على أن الأرض كروية الشكل وكان عندهم في كتاب ربهم ما يدل على أن الأرض هي التي تدور حول الشمس وحول نفسها ؟
إنها لمفاجأة أن علماء المسلمين أجمعوا على كروية الأرض قبل اكتشاف ذلك وقبل أي تطور علمي ..
يحكي لنا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (القرن الثالث عشر من الميلاد) الإجماع على كروية الأرض فينقل عن أبي الحسين ابن المنادي رحمه الله ، حيث قال :
((وقال الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي من أعيان العلماء المشهورين بمعرفة الآثار والتصانيف الكبار في فنون العلوم الدينية من الطبقة الثانية من أصحاب أحمد : لا خلاف بين العلماء أن السماء على مثال الكرة ......
قال : وكذلك أجمعوا على أن الأرض بجميع حركاتها من البر والبحر مثل الكرة . قال : ويدل عليه أن الشمس والقمر والكواكب لا يوجد طلوعها وغروبها على جميع من في نواحي الأرض في وقت واحد ، بل على المشرق قبل المغرب )) انتهى من "مجموع الفتاوى" (25/195) باختصار .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : عن رجلين تنازعا في " كيفية السماء والأرض " هل هما " جسمان كريان " ؟ فقال أحدهما كريان ؛ وأنكر الآخر هذه المقالة وقال : ليس لها أصل وردها فما الصواب ؟ فأجاب :
(( السموات مستديرة عند علماء المسلمين ، وقد حكى إجماع المسلمين على ذلك غير واحد من العلماء أئمة الإسلام : مثل أبي الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي أحد الأعيان الكبار من الطبقة الثانية من أصحاب الإمام أحمد وله نحو أربعمائة مصنف ، وحكى الإجماع على ذلك الإمام أبو محمد بن حزم وأبو الفرج بن الجوزي ، وروى العلماء ذلك بالأسانيد المعروفة عن الصحابة والتابعين ، وذكروا ذلك من كتاب الله وسنة رسوله ، وبسطوا القول في ذلك بالدلائل السمعية ، وإن كان قد أقيم على ذلك أيضا دلائل حسابية ، ولا أعلم في علماء المسلمين المعروفين من أنكر ذلك ، إلا فرقة يسيرة من أهل الجدل لما ناظروا المنجمين قالوا على سبيل التجويز : يجوز أن تكون مربعة أو مسدسة أو غير ذلك ، ولم ينفوا أن تكون مستديرة ، لكن جوزوا ضد ذلك ، وما علمت من قال إنها غير مستديرة - وجزم بذلك - إلا من لا يؤبه له من الجهال ...)) انتهى من "مجموع الفتاوى" (6/586) .
ويقول العالم المسلم أبو محمد ابن حزم رحمه الله (القرن العاشر من الميلاد):
(( مطلب بيان كروية الأرض :
قال أبو محمد وهذا حين نأخذ إن شاء الله تعالى في ذكر بعض ما اعترضوا به ، وذلك أنهم قالوا : إن البراهين قد صحت بأن الأرض كروية ، والعامة تقول غير ذلك ، وجوابنا وبالله تعالى التوفيق : أن أحداً من أئمة المسلمين المستحقين لاسم الإمامة بالعلم رضي الله عنهم لم ينكروا تكوير الأرض ، ولا يحفظ لأحد منهم في دفعه كلمة ، بل البراهين من القرآن والسنة قد جاءت بتكويرها ... )) وساق جملة من الأدلة على ذلك "الفصل في الملل والأهواء والنحل" (2/78) .
طيب السؤال الآن .. كيف توصل علماء المسلمين إلى كروية الأرض وأجمعوا على ذلك ؟
هذه بعض الأدلة من القرآن الكريم على كروية الأرض وأنها تدور حول نفسها وحول الشمس ..
يُلاحظ أن الأرض عندما تدور حول نفسها سيبدو أن النصف الأسود -الليل- (أنظر الصورة السابقة) ينزلق وينسحب ويتكور ليأتي فوق النصف الآخر المضاء - النهار- .. والعكس صحيح .. فالأرض عندما تدور حول نفسها سيبدو أن النصف المضاء -النهار- ينزلق وينسحب ويتكور على النصف الآخر المظلم - الليل- .. وهنا جاءت هذه الآية الكريمة الصريحة التي تستخدم لفظ التكوير لتصف انزلاق الليل والنهار كنصفي كرة :
{ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ }{الزمر:5}
كذلك يلاحظ أنه (أنظر الصورة السابقة) لا يمكننا أن نقول أن النصف المظلم يسبق النصف المضاء أو أن النصف المضاء يسبق النصف المظلم وذلك لأن الأرض كروية الشكل .. ففي نفس الوقت يوجد ليل ويوجد نهار ولا يمكن القول أن أحدهما بدأ أولا ثم تبعه الثاني .. وهنا يخبرنا القرآن الكريم بوضوح عن هذا :
{ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }{يس:40}
يلاحظ أيضاً (أنظر الصورة السابقة) أنه لو أصابت الكرة الأرضية بكاملها أية كارثة طبيعية .. فإنه من البديهي أن هذه الكارثة ستصيب النصف المضاء - النهار - والنصف المظلم - الليل - ، كلاهما .. ولا يمكننا القول أن هذه الكارثة الشاملة وقعت في النهار فقط أو في الليل فقط .. ولكنها ستقع في الليل أو في النهار معاً .. وهنا يخبرنا القرآن الكريم بأن يوم القيامة سيأتي في الليل أو في النهار معاً دون تحديد أحدهما فقط دون الآخر ، بما يقطع تماما أن هذا القرآن الكريم لا يمكن أن يكون إلا من عند خالق السموات والأرض سبحانه وتعالى .. يقول جل جلاله :
{ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }{يونس:24}
فلو كان القرآن الكريم ليس من عند الخالق جل جلاله وكان من تأليف إنسان عادي كما يزعمون فإن أي إنسان عادي يعيش في ذلك الزمن الذي عاش فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيتخيل ببساطة أن يوم القيامة سيأتي إما في الليل فقط وإما في النهار فقط .. ولكن القرآن الكريم لم يقع في هذا الخطأ العلمي القاتل حين أخبر أن يوم القيامة سيأتي في الليل أو في النهار دون تحديد أحدهما دون الآخر .
وأيضا من إشارات القرآن الكريم إلى كروية الأرض .. أن الإنسان الذي يعيش في مصر مثلا ستشرق عليه الشمس في وقت معين ولكن الذي يعيش في المغرب ستشرق عليه الشمس بعد ذلك بساعتين أو أكثر .. فهنا إذن مشرقين مختلفين .. وهكذا فإن هناك مشارق كثيرة وليس مشرقا واحدا .. لأن الأرض كروية الشكل .. ولو كانت الأرض مستوية مسطحة لكان هناك مشرق واحد على جميع الناس وكذلك مغرب واحد .. ولكن القرآن الكريم لأنه من عند الله جل وعلا يقول :
{ فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ }{نوح:40}
وأيضا لو كانت الأرض مستوية مسطحة فإن أبعد مسافة على هذه الأرض ستكون هي طول الأرض نفسها أي أنها هي المسافة بين أقصى طرفي هذه الأرض ناحية اليمين وناحية الشمال .. ولكن لو كانت الأرض كروية الشكل فإن أبعد مسافة هي أن ننطلق من تلك النقطة ثم ندور ونعود إلى نفس النقطة .. وإذا كانت هذه النقطة مثلا هي وقت ومكان أشرقت فيه الشمس فإن أبعد مسافة من هذه النقطة هي عندما تشرق الشمس مرة ثانية في نفس ذلك الوقت والمكان .. أي أنها هي البعد بين مشرقين متتاليين .. وهنا يخبرنا القرآن الكريم أن الإنسان يقول لشيطانه يوم القيامة :
{ حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ }{الزخرف:38}
ولا تكون المسافة أبعد على الأرض بين مشرقين إلا إذا كانت الأرض كروية الشكل ..
ما سبق كان عن كروية شكل الأرض في القرآن الكريم ..
أما عن دورانها حول نفسها وحول الشمس .. فيشير القرآن الكريم إلى ذلك أيضا .. فإن الجبال التي تبدو لنا ونحن على الأرض أنها جامدة في مكانها لا تتحرك ، هي في الحقيقة لو راقبناها من مكان آخر كأن نصعد إلى مدار الأقمار الصناعية مثلا سنراها - الجبال - أنها ليست جامدة في مكانها كما كانت تبدو لنا على الأرض ولكنها تتحرك بفعل دوران الأرض حول نفسها وتبدو مثل السحاب الذي يتحرك في السماء بفعل الرياح .. يقول الله عز وجل :
{ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ }{النمل:88}
كذلك إن الأرض تدور حول الشمس .. وبدوارنها حول الشمس تتحرك الجبال وتسبح في الفضاء معها .. فالآية إذن فيها إشارة أيضا لدوران الأرض حول الشمس ..
ماسبق شيئ قليل مختصر .. فإنه يوجد ما لا يعد ولا يحصى من الإشارات والبراهين على صدق نبينا صلوات ربي وسلامه عليه وصدق رسالته .. قال الله عز وجل :
{ سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }{فصلت:54}
قال الألباني رحمه الله: ((طالب الحق يكفيه دليل ، و صاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل !))
رد مع اقتباس
المفضلات